فلسفة الدين



فلسفة الدين:

«فلسفة الدين» Philosophy of religion نوع من الفلسفة تعتمد العقلَ في بحث وتحليل المقدسات والمعتقدات والظواهر الدينية وتفسيرها، وقد ظهر هذا المصطلح في أوروبا نهاية القرن الثامن عشر الميلادي، وأصبح فرعًا من فروع الفلسفة في الدراسات الأكاديمية المعاصرة([1]).

«تتناول فلسفة الدين أسئلة تتعلق بإمكان معرفة وجود الله، ومعرفة صفاته، وكيفية تحديد العلاقة بين الله والعالم، وكيفية فهم صفات الله، والعلاقة بين وجوده وماهيته. كذلك تتناول فلسفة الدين أسئلة تتعلق بطبيعة الدين نفسه، وطبيعة اللغة الدينية. بالإضافة إلى أسئلة تتعلق بمعنى العبادة الدينية، ودور الإيمان فيها، وعلاقة الإيمان بالعقل»([2]).

ومن هنا فإن من الموضوعات الأساسية لفلسفة الدين البحث في ماهية العبادات ووظيفتها، والغاية من التكليف والتشريع، وطبيعة العلاقة بين الاعتقاد والعمل والأخلاق والسلوك، والتغيير والإصلاح الاجتماعي والسياسي والاقتصادي.

فلسفة الدين هي التفكير الفلسفي في كل ما يتَّصل بالدين؛ شرحًا وتفسيرًا وبيانًا وتحليلًا، بنزعة عقلية فلسفية مستقلة ـ تكون في أكثر الأحوال إلحادية أو باطنية ـ، من دون أن تتكفَّل بالتقرير أو التسويغ أو الدفاع أو الدعوة، فلا علاقة لفلسفة الدين بإيمان فيلسوف الدين والباحث والدارس في هذا الحقل أو عدم إيمانه، خلافًا لحال اللاهوتي في علم اللاهوت، والمتكلِّم في علم الكلام، فهما ينطلقان من قاعدة التقرير والدفاع عن القضايا الدينية التي يؤمنان بها([3]).

يقول الفيلسوف البريطاني جون هيك (1922-2012م): «فلسفة الدين ليست وسيلة لتعليم الدين، وفي الحقيقة لا ضرورة لتناولها من منطلق ديني. من لا يؤمن بوجود الله، ومن لا يملك أي رأي حول وجوده من عدمه، ومن يؤمن بوجوده، جميعهم يستطيعون أن يتفلسفوا في الدين، وهو ما يحدث الآن بالفعل. إذن؛ فلسفة الدين ليست من فروع الإلهيات، أي التدوين الممنهج للعقائد الدينية، بل هي من فروع الفلسفة. تتكفل فلسفة الدين بدراسة المصطلحات والأنظمة العقائدية، وممارسات من قبيل: العبادة، والتأمُّل، والمراقبة التي تنبني هذه الأنظمة العقائدية عليها، وتنبثق منها»([4]).

يتبيَّن لنا بهذا؛ أن «فلسفة الدين» أوسع بكثير من «التفسير» المجرَّد للدِّين في إطار الدِّين نفسه، فليس غرضنا من «تفسير الدين» إلا الفهم الصحيح له، من منطلق الإيمان به، وتعظيم نصوصه، والتقيُّد بأحكامه، دون الخوض فيه بالفلسفات والآراء والظنون والأوهام.

حسبنا أن نلتزم بلفظ: «التفسير» وهو تعبير إسلامي أصيل، ونطرح جانبًا لفظ: «الفلسفة» بكل ما له من أصول فاسدة، ومنهجية مخالفة لمنهج التسليم للوحي والرسالة.

مثل هذا التفريق لا يعبأ به الفكر الغربي؛ لهذا نجده قد يستخدم كلمة: interpretation ـ وهي تدلُّ على التفسير والتأويل والترجمة والتعليل ـ بما يرادف «الفلسفة»، حتى إن جون هيك قد سمَّى أحد أهم كتبه الفلسفية في تناول الدين بـ: «تفسير الدِّين»([5]).


([1]) انظر: «مدخل إلى فلسفة الدين» للدكتور محمد عثمان الخشت، دار قباء، القاهرة: 2001م، ص 50.

([2]) «الموسوعة الفلسفية العربية» رئيس التحرير: د. معن زيادة، معهد الإنماء العربي، بيروت: 1988، 2/1000.

([3]) انظر: «تمهيد لدراسة فلسفة الدين» إعداد وتحرير: د. عبد الجبار الرفاعي، مركز دراسات فلسفة الدين، بغداد: 2014م، ص: 15.

([4]) «فلسفة الدين» لجون هيك، بواسطة الرفاعي في المصدر السابق: 16.

([5]) "An Interpretation of Religion Human Responses to the Transcendent", by John H. Hick, Yale University Press; 2 edition, 2005.

جميع الحقوق محفوظة لدى موقع دراسات تفسير الإسلام ©