المذهبية الإسلامية



المذهبية الإسلامية:

أجدر من يعرِّف هذا المصطلح هو الدكتور محسن عبد الحميد الذي كان أول من أبرزه، وألَّف لذلك كتابه: «المذهبية الإسلامية والتغيير الحضاري»، ابتدأه بتحديد المصطلح فقال: «ذَهَبَ عددٌ من الكُتَّاب الإسلاميين في السنوات الأخيرة إلى استعمال «المذهبية» للدلالة على ما ذهب إليه الإسلام في أمور الكون وخالقه والحياة والإنسان، أي القضايا التي تتعلق بالكليات وليست الجزئيات.

والحق أن هذه اللفظة ـ زيادةً على أنها دالَّة على معناها لغةً ـ يمكن أن تتحول إلى اصطلاح يحقق هدف الإسلاميين من إطلاقهم لفظ «الفكر الإسلامي» الذي رفضناه بالمعنى الذي استعمل فيه «الوحي» كتابًا وسنةً.

ثم إنه يخصنا بلفظة تميزنا وتحول بيننا وبين استعمال كلمة «الأيديولوجية»([1]) الأجنبية بمعنى الأصول والكليات الإسلامية.

وقد يقول قائل: لماذا لا نستعمل «العقيدة الإسلامية» للدلالة على المعنى الذي نريد، حتى نتخلَّصَ من المصطلحات الأخرى.

نقول: إن «العقيدة الإسلامية» مصطلح مستعمل منذ القديم، يشمل الإلهيات والنبوات والمعاد والقضاء والقدر فقط، بينما نحن نريد مصطلحًا أشمل من هذا. فـ: «المذهبية الإسلامية» تشمل العقيدة الإسلامية، وتشمل غيرها من الكليات التي ارتضاها الإسلام في العالم المادي لضبط حركته، سواء في الحياة عمومًا أو في المجتمع، أو داخل عالم الإنسان من حيث هو فرد. وبما أن الإسلام قد حدَّد مواقفه التفصيلية من أصول القضايا الكبرى في الحياة والمجتمع والإنسان، فلا بدَّ أن نُضيف تلك التفصيلات على الأُصول العقائدية الأخرى، حتى تتأصل عندنا «المذهبية الإسلامية» بشمولها، كي تستطيع أن تواجه المذهبيات الأخرى، في كلِّ ما تتعرض له من أصول أفكارها»([2]).

 


([1]) انظر عن مصطلح Ideology: «موسوعة لالاند الفلسفية» 2/611-612. وجاء في «معجم اللغة العربية المعاصرة» 1/143: أيديولوجيا: مذهب سياسيٌّ أو اجتماعيٌّ. [وفي الفلسفة]: علم الأفكار، وموضوع دراسته الأفكار والمعاني وخصائصها وقوانينها وأصولها، وعلاقاتها بالعلامات التي تعبّر عنها، والبحث عن أصولها بوجه خاصٍّ. وأيديولوجيَّة: مجموعة الآراء والأفكار والعقائد والفلسفات التي يؤمن بها شعب أو أمَّة أو حزب أو جماعة.

([2]) «المذهبية الإسلامية والتغيير الحضاري»، طبع في قطر ضمن سلسلة (كتاب الأمة)، العدد: (6)، رجب 1405/نيسان 1985، ص: 17-21.

والدكتور محسن عبد الحميد ولد في مدينة كركوك، العراق عام 1357/1937، تخرج في جامعة بغداد، كلية التربية عام 1380، حصل على الدكتوراه في التفسير من جامعة القاهرة عام 1392، وعمل أستاذًا لمادة التفسير والعقيدة والفكر الإسلامي الحديث في جامعة بغداد وفي جامعات عربية، وهو من قيادات الإخوان المسلمون الفكرية والتنظيمية في العراق، ومثَّل الحزب الإسلامي العراقي في مجلس الحكم الانتقالي بعد احتلال العراق سنة 2003م.

جميع الحقوق محفوظة لدى موقع دراسات تفسير الإسلام ©