التداوي بالصلاة والاستشهاد الباطل !!!



يتحدث الدكتور إليكسيس كاريل الحائز على جائزة نوبل في الطب في كتابه (الإنسان ذلك المجهول) عن الصلاة

فيقول: (إنها تحدث نشاطًا عجيبًا في أجهزة الجسم وأعضائه، بل هي أعظم مولِّد للنشاط عُرف إلى يومنا هذا،

وقد رأيت كثيرًا من المرضى الذين أخفقت العقاقير في علاجهم كيف تدخلت الصلاة فأبرأتهم تمامًا من عللهم.

إن الصلاة كمعدن الراديوم، مصدر للإشعاع ومولِّد ذاتي للنشاط، ولقد شاهدت تأثير الصلاة في مداواة أمراض مختلفة).

التعليق:

  1. مؤلف كتاب (الإنسان ذلك المجهول) هو الطبيب والجرَّاح الفرنسي Alexis Carrel، ولد في ليون (1873)، ومات في باريس (1944) في السجن حيث سجن بتهمة الانتماء إلى النازية. ولم يكن مسلمًا، ولا يظهر أنه كان متدينًا بنصرانيته، وفكرته في الكتاب ترتكز على أن الجنس البشري بإمكانه أن يحسن من نفسه باتباع هدي نخبة من المثقفين، وفرض نظام تحسين نسل إجباري. لهذا فهو يرى الشعائر الدينية ـ من أي دين كانت ولو كانت شركية ووثنية ـ وسيلة لتقوية الجانب الروحي والشعوري لدى الإنسان مما يساعد على شفائه.
  2. إذا عُلم هذا: فكيف يجوز الاستشهاد بكلام نصرانيٍّ أو ملحدٍ أو طبيب نفعيٍّ عن الصلاة النصرانية أو الشركية الوثنية على الصلاة عند المسلمين، التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام، وهي أخص خصائص المسلمين العملية في صفتها وأذكارها وشروطها وأركانها وأوقاتها؟! لا شكَّ أن هذا مدخل إلى الخلط بين الأديان!
  3. ومن المسلَّمات في عقيدة المسلمين أن العبادة الباطلة ـ الكفرية أو الشركية ـ لا تنفع صاحبها، بل تزيده ضلالًا وحيرةً، وتملئ قلبه حسرةً وضيقًا، كما أنها لا تقربه من الله تعالى، بل تكون وبالًا عليه في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [سورة طه: 124 - 126]، وموضع الشاهد: ذمه بعدم اتباعه آيات الله تعالى، وهي رسالته وشريعته. وقال تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ * حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ * ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [سورة الحج: 30 – 32]. وقال تعالى: {قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ * كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ *خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [سورة آل عمران: 84 - 89].
  4. لا شكَّ أن من العقيدة الإسلامية الصحيحة: أن الصلاة من أعظم أسباب انشراح الصدر، وسعادة النفس، والشفاء من الأسقام والآلام النفسية والعضوية. ولكن هذا ليس على الطريقة المادية النفعية، ولا النفسية الفلسفية التي شرحها الدكتور كاريل في كتابه. وأيضًا: ليس هذا بنفس حركات الصلاة، التي يمكن أن يقوم بها المسلم والكافر، ويمكن أن تكون مشتركة أو متشابهة بين الأديان المختلفة. إن تلك الفوائد والمنافع والثمار للصلاة إنما هي ـ في عقيدة الإسلام ـ لكون الصلاة من أعظم العبادات التي تقرِّب العبدَ إلى الله تعالى ربِّ العالمين، الذي بيده الأمر كله، وهو عزَّ وجلَّ كما قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام في وصفه: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [سورة الشعراء: 78 - 82]، وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أقرب ما يكون العبد إلى ربِّه وهو ساجدٌ). لهذا فإن الصلاة عبادة خالصة لله تعالى، تقرب العبد إلى ربِّه وخالقه، فيتذلل بين يديه، ويسأله الهداية والسعادة والرشاد والشفاء من الأمراض النفسية والعضوية. والله تعالى يجيب الدعاء، ويسمع النداء، فحريٌ أن يستفيد الإنسان من صلاته استجابة الله تعالى وعونه ولطفه وتوفيقه. فمنافع الصلاة وفوائده في الحقيقة هي من الله تعالى، يمنحها لمن يشاء، ويحجبها عمن يشاء، وهو يحكم لا معقِّب لحكمه، وليست تلك المنافع والفوائد بأعمال وحركات الصلاة المجردة التي يستوي في فعلها: المخلص والمرائي، والمؤمن والمنافق، بل حتى المسلم والكافر.
جميع الحقوق محفوظة لدى موقع دراسات تفسير الإسلام ©