محاربة الإرهاب.. بماذا تكون؟



في ختام حديثه مع شبكة CNN عربية بتاريخ: 07/12/2015م، قال الداعية أحمد الشقيري ما نصه:

(أفضل طريقة لمحاربة ومكافحة الإرهاب تتمثل في الترويج لفكرة إعمار الأرض وخلافة الله في الأرض التي هي فكرة إعمارية، وتحض المرء على الوسطية، وهذا بحاجة للنشر في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي كي يفهم الناس فكرة إعمار الأرض).

http://www.jo24.net/post.php?id=144025

التعليق:

1) زعم الأستاذ أن: (أفضل طريقة لمحاربة ومكافحة الإرهاب تتمثل في الترويج لفكرة إعمار الأرض وخلافة الله في الأرض ...).  

خطأ واضح عفا الله عنه إذ أن هذه الفكرة هي تحريف لفهم الإسلام، حيث أنها تفسر النبوة، والرسالة، والدين، والعبادة، والشريعة: بأنها مغالبة على الدنيا، ووسيلة لإقامة الدولة، فكيف تكون هي نفسها تكافح نفسها!!! بل أفضل طريقة لمحاربة الإرهاب تتمثل في الترويج لحقيقة فهم الدين الوسط الذي بعث الله عز وجل به محمدًا صلى الله عليه وسلم، والذي غايته عبادة الله سبحانه وتعالى، فهذه هي التي (تحض المرء على الوسطية) لا تلك! ثم أن المعنى الصحيح لخلافة الإنسان في الأرض، هو أنه يخلف من قبله لا أنه خليفة الله في الأرض، قال شيخ الاسلام رحمه الله في قوله تعالى: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30]: «أي: خليفة عمن قبلك من الخلق، ليس المراد أنه خليفة عن الله، وأنه من الله كإنسان العين من العين، كما يقول ذلك بعض الملحدين القائلين بالحلول والاتحاد». منهاج السنة النبوية (1/ 509). وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الدجال: «والله خليفتي على كل مسلم». صحيح مسلم (4/ 2251). يعني والله سبحانه وليّ كل مسلم وحافظه فيعينه عليه. فعليه فإن محاربة التطرف والارهاب لا تكون أبدًا بــ (الترويج لفكرة إعمار الأرض وخلافة الله في الأرض).

2) وقوله: (وتحض المرء على الوسطية).

التفسير السياسي للدين الداعي لجعل عمارة الأرض غاية الخلق والتكوين، هو من أهم عوامل نشأة الارهاب والتطرف، فالشباب الذين رُبّوا على أن دعوتهم غايتها: إصلاح دنياهم، وأن عباداتهم غايتها: إقامة العدل في المجتمع سعيًا لإقامة المدينة الفاضلة، ثم بعد ذلك يرون ما حولهم من الظلم والفساد ولا يقدرون على شيء من التغيير، كيف لا يتطرفون! وهذا بالفعل هو الذي حدا بكثير منهم إلى التطرف والإرهاب من الذين غرروا بهذه الدعوة، وكان ـ غالبهم ـ قد تربى على هذا الفكر المباين للمنهج السلفي السليم، فكيف يكون من العوامل التي (تحض المرء على الوسطية)؟!

3) جعل عمارة الأرض هدفًا للمسلم في الحياة الدنيا، هي من الدعوات الفلسفية الباطنية، التي كان من أكبر دعاتها ابن سينا (ت: 427)، والفارابي (ت: 339)، وأمثالهم من ملاحدة الفلاسفة، الذين يرون أن غاية الشرائع وبعثة الرسل هي: اصلاح المجتمع وتحقيق العدل، وهو ما يخالف دعوة الإسلام أساسًا، والتي تجعل رضى الله وتعظيمه والتذلل له هو أسّ الدعوة ولبّها، وما عدا ذلك فهو خادم لهذا المطلب لا أكثر.

فهذا الذي (بحاجة للنشر في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي كي يفهم الناس فكرة إعمار الأرض)، وأنها فكرة فلسفية غير إسلامية، لتكون (أفضل طريقة لمحاربة ومكافحة الإرهاب). لا (فكرة إعمار الأرض وخلافة الله في الأرض التي هي فكرة) فلسفية.

والله أعلم

راجع :

( عمرو خالد وحكمة الخلق)

(داعش صنيعة التفسير السياسي للإسلام)

جميع الحقوق محفوظة لدى موقع دراسات تفسير الإسلام ©