الإسلام صالح لكل زمان ومكان



نشرت قناة الجزيرة الفضائية تغريدة بتاريخ 5/9/2013م، نقلت فيها كلام طارق سويدان جاء فيها:

نص المنشور:

(طارق سويدان: مفهوم الاسلام صالح لكل زمان ومكان لم يرسخ في الأمة إلا بعد رسالة حسن البنا المؤسس لجماعة الإخوان المسلمين).

التعليق:

في هذا الكلام تحريف لمفهوم الصلاح والإصلاح في الإسلام، من وجوه:

1- لا بد من بيان أن حقيقة الإصلاح ـ كما يقرره القرآن الكريم ـ إنما هو في ترسيخ التوحيد في النفوس، ونفي الشرك ومظاهره ووسائله، وذلك بتعظيم الله وتعظيم حقه، وهو أول عمل قام به الرسل والأنبياء ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ، وذلك أنهم بُعثوا أصالةً للإصلاح وهداية الخلق، فأي جهود في الإصلاح لا تضع في حسبانها هذا الأمر فهي جهود ناقصة ومنحرفة عن الصراط المستقيم، يقول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36]، فما بعث الله رسولًا من الرسل إلا قال لقومه: {اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف: 59، 65، 73، 85]، و[هود: 50، 61، 84]، و[المؤمنون: 23، 32]، ثم يكون الإصلاح، قال تعالى: {قَالُوا يَاشُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (87) قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 87، 88].

2- إن هذا (الإصلاح) المزعوم نابع من فهم معوج لحقيقة الإسلام والغاية من الخلق، فعندما نجعل العمل السياسي والنفعي ومنازعة ولي الأمر، هو الغاية من تشريع الشرائع وبعثة الرسل، فلا شك أن يكون هذا إفساد وليس إصلاح. فجماعة (الإخوان المسلمون) تبنت هذا الفهم المعوج للإسلام، ودعا إليه كبار قادة الجماعة، فعلى هذا الأساس نفهم مقصود الكاتب من أن الإصلاح: لم يرسخ في الأمة إلا بعد رسالة حسن البنا.

3- في هذا الكلام قلب وتدليس للحقائق، فلو قيل: إن حقيقة: أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان قد تراجع في نفوس الأمة بسبب جماعة الإخوان ومؤسسها لما كان ذلك بعيدًا، فهذا أحد كبار قادة جماعة الإخوان يقرر في كتابه «التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين» 61-62: أن اغلب الجماعات المتطرفة خرجت من عباءة الإخوان، وأنها حملت فكر وعقيدة الإخوان، وشهد شاهد من أهلها. فأي صلاح وإصلاح بعد هذا!

4- إن صلاح الإسلام وإصلاحه لكل زمان ومكان ـ بالمعنى الشرعي الصحيح ـ حقيقة لا يمكن أن ترسخ في قلوب الناس إلا بفهم دعوة خاتم الرسل عليه الصلاة والسلام على وفق فهم صحابته الكرام، وبالسند الصحيح إليه على أيدي العلماء الربانيين، الذين لهم في الإسلام قدم صدق وإخلاص، وجهود كبيرة في خدمة العلم والدعوة، الذين عرفوا حقيقة الفساد وعرفوا حقيقة الإصلاح المنشود، فهذا هو المعيار الشرعي لفهم الإسلام الذي يكون صالحًا ومصلحًا لكل زمان ومكان، وهو الذي ينبغي أن يكون حاضرًا في نفوس الأمة، وليس: رسالة حسن البنا المؤسس لجماعة الإخوان المسلمين. والله أعلم.

للمزيد راجع:

-(المعيار لفكر سيد قطب).

-(داعش صنيعة التفسير السياسي للإسلام).

جميع الحقوق محفوظة لدى موقع دراسات تفسير الإسلام ©