عمرو خالد وحقيقة العبادة التي يريدها الله تعالى



عمرو خالد وحقيقة العبادة التي يريدها الله تعالى

تحريف واضح لحقائق الدين

يعود مرة أخرى هذا الجاهل المتسلق على الدعوة الممثل صاحب دعايات «الدجاج وارتقاء الروح في قيام الليل!!» عمرو خالد، فيتكلم في أصل أصول الدين بالتحريف والتزييف، فيقرر أن العبودية التي يريدها الله هي ما يعود أثرها إلى إعمار الأرض والكفاح في سبيل الحياة الدنيا، وأن العبادات وأركان الاسلام من صلاة ـ بما فيها من خشوع وتذلل وتعظيم ـ وزكاة وصيام وحجٍّ إذا لم تترجم إلى آثار في إعمار الأرض بالاختراعات والصناعات والعلوم الدنيوية، فليست هي العبادة التي يريدها الله منَّا. هكذا قال؛ دون دليل أو حجة شرعية، ولا لازم عقليٍّ.

يقول ربُّنا ـ صريحًا ـ: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ ‌إِلَّا ‌لِيَعْبُدُونِ (٥٦)﴾ [الذاريات: 56]، ويقول بصيغة الحصر والتعليل: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا ‌لِيَعْبُدُوا ‌اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (٥)﴾ [البينة: 5]، ويقول سبحانه: ﴿بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ ‌وَهُوَ ‌مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (١١٢)﴾ [البقرة: 112]، في آياتٍ كثيرةٍ واضحة بيِّنة لا تحتاج إلى كثير تفكر وتدبر، توضح أن الغاية من الخلق هي العبادة، وأن هذه العبادة تتمثل في أعمال القلوب من المحبة والخشية والخوف والرجاء وغيرها، ومن قول اللسان، بنطق الشهادتين والذكر والدعاء، وأعمال الجوارح، وأعلاها: الصلاة والزكاة والصيام والحج، ثم يتبعها سائر العبادات والأعمال الصالحة التي يراد بها وجه الله تعالى. وبالجملة: فقد دل القرآن والسنة وأجمعت الأمة على أن من حقق التعبد الصحيح بالإخلاص لله والمتابعة لنبيه صلى الله عليه وسلم، فقد تحقق بعمله هذا الدين القيم الذي يحبه الله ويرضاه، وهو موعود بالنجاة في الآخرة، وإن لم يعمل على عمارة الأرض بالمعنى المادي الدنيوي الذي يدعو إليه عمرو خالد وأمثاله.

قال الشيخ أبو الحسن الندوي رحمه الله في مقاله: «الدعوة إلى الله حماية المجتمع من الجاهلية وصيانة للدين من التحريف» (ص: 19-20) وكأنه يخاطب هذا القصاص: « وكذلك أحذركم أيها الإخوان مما لوحظ من بعض الكتاب من الضغط على أن هذه الأركان الدينية وفرائض الإسلام كالصلاة والزكاة والصيام والحج وسائل لا غايات، إنما شرعت لإقامة الحكم الإسلامي وتنظيم المجتمع المسلم، وتقويته، وأحذركم من كل ما يحط من شأن روح العبادة والصلة بين العبد وربه وامتثال الأمر، ومن التوسع في بيان فوائدها الخلقية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية أحيانًا توسعًا يخيل للمخاطب أو القارئ أنها أساليب تربوية أو عسكرية أو تنظيمية، قيمتها ما يعود منها على المجتمع من قوة ونظام، أو صحة بدنية وفوائد طبية، فإن أول أضرار هذا الأسلوب من التفكير أو التفسير أنه يفقد هذه العبادات قيمتها وقوتها وهو امتثال أمر الله وطلب رضاه بذلك، والإيمان والاحتساب والقرب عند الله تعالى، وهي خسارة عظيمة لا تعوض بأي فائدة، وفراغ لا يملأ بأي شيء في الدنيا».

وعلى كل حال فلعل في هذا المقطع وغيره مقنع لكل من لم يفهم حقيقة دعوة الحركيين ومن تربَّى على كتبهم ونهل من أدبيَّاتهم، أنهم في نهاية أمرهم أصحاب دنيا لا أصحاب آخرة، فلا تستغرب ولا تتعجب من رقة دينهم وبعدهم عن الاستقامة في ظاهرهم وتهوينهم بل وتجويزهم لكثير من المحرمات المتَّفق عليها، فالقوم يجعلون العبادة التي هي بذاتها علَّة الخلق لا نفع فيها دون أن تحقق الإعمار والازدهار الدنيوي، أي يقلبون الغاية إلى وسيلة، فمن باب أولى أن يكون ما دون أركان الإسلام لا قيمة له إن لم يحقق ذلك الاعمار، فما بالك إن كان في نظرهم يعاكس ما يدعون إليه.

فخطر هؤلاء أكبر مما يتصوره كثير من الناس، بل وحتى كثير من الدعاة الذين ينقمون عليهم ببعض المحرمات أو المخالفات الفرعية.

وهذه دعوة من مركز دراسات تفسير الإسلام ـ الذي تخصص في نقض التفسير النفعي والسياسي للإسلام بالكتب والبحوث والمقالات والمحاضرات ـ لكل من أدرك خطر هذا التفسير المنحرف بالإسهام والتعاون مع المركز في كشف حقيقة هذا المنهج، وفضح دعاته، وتزييف دعوته. والله من وراء القصد.

وانظر أيضًا:

(عمرو خالد وحكمة الخلق)

جميع الحقوق محفوظة لدى موقع دراسات تفسير الإسلام ©