عبد الله النفيسي وتقديم العدالة على أصول العبادات



النص:

«هناك غياب للوعي الإسلامي، الوعي الإسلامي هو الوعي الذي يروم تحقيق الشريعة الإسلامية بحيويتها وعدالتها، أهمُّ شيءٍ: العدالةُ، وليست النسك الشرعية: الصلاة، والصيام، لا، لا، لا، صلاتك وصيامك بينك وبين ربك، لذلك الشهيد عندما يُقتل أول ما يسألهم الرسولُ صلى الله عليه وسلم يقول: «هل عليه دَيْنٌ؟»، إذا قالوا: نعم، قال: «صلُّوا عليه»، هو لا يصلي عليه. وجه الشاهد: أن الرسول لما سأل لم يسأل عن صلاته، ولا عن صيامه، ولا عن زكاته، ولا عن أخلاقه، ولا عن حجه، هو سأل هل عليه دَيْنٌ؟ حقٌّ من حقوق الناس».

 

التعليق:

1- قول النفيسي: «أهم شيء العدالة»؛ صحيحٌ، لكن ليس بالمفهوم المادي الدنيوي الذي يقصده النفيسي، بل هو صحيح بالمفهوم الإيماني الربَّاني الذي ورد صريحًا في كتاب الله تعالى، وبيَّنه الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج البخاري (6937)، ومسلم (124) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: لمَّا نزلت هذه الآية: {‌الَّذِينَ ‌آمَنُوا ‌وَلَمْ ‌يَلْبِسُوا ‌إِيمَانَهُمْ ‌بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٨٢)}؛ شقَّ ذلك على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقالوا: أيُّنَا لم يَظْلِمْ نفسَه؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «ليس كما تظنُّونَ، إنما هو كما قال لقمان لابنه: {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}». ففسَّر النبيُّ صلى الله عليه وسلم القرآن بالقرآن، وبيَّن أن «الظُّلم» المنافي لأصل «العدل» هو «الشرك بالله تعالى في العبادة».

وذلك أن الله تعالى خلق عباده لغاية محدَّدةٍ، بيَّنتها نصوص الكتاب والسنة وهي أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، فهذا أساس «العدل» وشرطه، وهو أعظم الواجبات، وهو الدين الحقُّ الذي أمرنا بإقامته؛ كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، وقوله: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5].

وأخرج البخاري (2856)، ومسلم (30) من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ حقَّ الله على العباد أنْ يعبُدُوه ولا يشركوا به شيئًا، وحقَّ العباد على الله أنْ لا يعذِّبَ من لا يُشرك به شيئًا».

فمن ضيَّع حقَّ الله تعالى بالشرك والكفر؛ فقد ضيَّع «العدالة الكبرى»، ووقع في «الظلم الأكبر»، لهذا كانت عقوبته الخلود الأبدي في النَّار، فلا تلحقه شفاعة، ولا تنفعه أعماله الصالحة، كما قال الله تعالى عن الكافرين الذين لا يرجون لقاءَه عزَّ وجلَّ: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23]، وقال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ} [إبراهيم: 18]، وقال عزَّ وجلَّ: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا} [النور: 39]. وعَنْ عائشةَ قالت: قلت: يا رسولَ الله ابنُ جُدْعانَ، كَانَ في الجاهليَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ، ويُطْعِمُ المسكينَ، فهل ذاك نافعُه؟ قال: «لا ينفَعُه. إنَّه لم يَقُلْ يومًا: رَبِّ اغْفِرْ لي خطيئتي يومَ الدِّينِ».

2- أما حقوق العباد ـ أي «العدالة» بالمعنى المادي الدنيوي ـ فقد جاءت الشريعة بصيانتها وحفظها وتعظيمها، ووضعت العقوبات الدنيوية والأخروية على من ظلم الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم. ورغم ذلك فقد جعلها الله تعالى في درجة ثانية بعد حقِّه سبحانه؛ كما تبيَّن من الآيات السابقة القاطعة بأنَّ حقَّ الله تعالى هو أعظم الحقوق على المخلوق، وأنَّه مقدَّم على حقوق غيره؛ فهذه تأتي ـ مهما كانت عظيمةً وجليلةً ـ في درجةٍ ثانيةٍ بعد حقِّ الخالقِ العظيم، ربِّ السماوات والأرض، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}، وقد تكرَّرت هذه الآية في موضعين من سورة النساء، الآية (48) والآية (116)، خُتمت الأولى بقوله تعالى: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا}، وختمت الثانية بقوله: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا}، وما هذا التكرار إلا للتنبيه والتأكيد على أهمية توحيد العبادة، وتقديمه على كلِّ حقٍّ سواه.

3- نعلم بهذا أن قول النفيسي: «أهم شيء العدالة، وليست النسك الشرعية: الصلاة، والصيام، لا، لا، لا، صلاتك وصيامك بينك وبين ربك»؛ قولٌ باطلٌ، واعتقادٌ فاسدٌ، مخالفٌ لصريح القرآن والسنة، مناقضٌ لأصول الإسلام بالكليَّة؛ فإن «النسك الشرعية» من «الصلاة والصيام» هي أصول العبادات المحضة، وهي حق الله تعالى الذي من أجله خلق الخلق، وأرسل الرسل، وأنزل الكتب، وأقام سوق الجنة والنار.

ثم تعليله ذلك بقوله: «صلاتك وصيامك بينك وبين ربك»؛ مغالطة وسفسطة، فإن «العبادة» التي استخفَّ النفيسي بها لأنها علاقة خاصة بين العبد وربه؛ هي شرطٌ لكلِّ «عدالة» وصلاح واستقامة وخير في حياة البشر، فتضييع حقِّ الله تعالى هو أصل الظلم، وسبب الشرور كلها، وكل ما على وجه الأرض من الظلم والفساد والشر فبسبب تضييع حقِّ الله تعالى، إما تضييعًا كليًّا أو تضييعًا جزئيًّا.

وقد بيَّن الله تعالى في كتابه أثر الشرك السيِّء على حياة الناس فقال سبحانه في سورة الروم: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٤٠) ‌ظَهَرَ ‌الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤١) قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ (٤٢)}.

4- أما استدلاله بحديث امتناع النبيِّ صلى الله عليه وسلم عن الصلاة على مَنْ كان عليه دَيْنٌ ـ وهو حديث صحيح ـ؛ فاستدلال باطلٌ أيضًا، بل هو يدلُّ على العكس من مراده؛ فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلم امتنع ـ لسببٍ عارضٍ ـ عن الصلاة على هذا الرجل لكونه ممَّن حقَّق «العدالة» وبرئ من «الظلم»؛ فكان من أهل الإسلام والتوحيد، فاستحقَّ أن يُصلَّى عليه، ويُنبَّه على إبراءِ ذمَّته رحمةً به، واشفاقًا عليه، وكرامةً له.

وقد أخرج البخاري (2295) من حديث ‌سلمة بن الأكوع رضي الله عنه: أنَّ أبا قتادةَ رضي الله عنه قال: صَلِّ عليه يا رسولَ الله وعَليَّ دَيْنُه. فصَلَّى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال ابن حجر في «فتح الباري» 4/478: «قال العلماء: كان الذي فعله صلى الله عليه وسلم من ترك الصلاة على من عليه دَيْنٌ ليُحرِّض الناس على قضاء الديون في حياتهم، والتوصل إلى البراءة منها، لئَلَّا تفوتهم صلاةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم». 

أما لو كان هذا الميت ممَّن ضيَّع أصل «العدالة» وتلبَّس بالظلم الأكبر، فكان مشركًا كافرًا؛ فإنه لم يستحقَّ أن يُصلَّى عليه أصلًا، ولا أن يُدعَى له ويُستغفر، كما قال ربُّنا عزَّ وجلَّ في سورة التوبة: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا ‌وَلَا ‌تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ (٨٤)}.

مثل هذا «الظالم» لا يُصلَّى عليه، بَلْهَ أَنْ يُسأَل عن دَيْنه وحقوق النَّاس عليه؛ لأنه لا تنفعه إبراء ذمَّته، فهو من أهل النار ولو كان عادلًا محسنًا في دنيا الناس، كما قال رسول الله عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ‌إِنَّهُ ‌مَنْ ‌يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (٧٢)} [المائدة].

إن هذا يُبيِّن الفرق العظيم والبون الشاسع بين حقِّ الله تعالى وحقوق العباد؛ ففي هذه المسألة تحديدًا نجدُ أن الميت قد برأت ذمَّته بمجرد أداء الحقِّ الذي في ذمَّته، مع أنه قد مات وانقطع عمله، أما في حقِّ الله تعالى؛ فإن ذمته لا تبرأ أبدًا إن ضيَّع «عدل التوحيد» وارتكب «ظلم الشرك»، فلا يستطيع أحد أن يؤدي عنه هذا الحق، ولا سبيل إلى إسقاطه، كما قال الله عزَّ وجلَّ: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ ‌تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (٦)}، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ‌مَا ‌تُقُبِّلَ ‌مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٣٦)}. وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ‌وَمَاتُوا ‌وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٦١) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ}.

5- أنَّ هذا الحكم في ترك الصلاة على مَن عليه دَينٌ: «منسوخٌ، وكان أولًا لأجل حثِّهم على قلَّة الدَّيْن، وعلى المسارعة في القضاء، ثم نُسِخَ، وأخيرًا صَلَّى عليه الصلاة والسلام على مَنْ عليه دَيْنٌ، وعلى الذي ليس عليه دَيْن»؛ كما قال عبد العزيز بن عبد الله بن باز في «مجموع الفتاوى» 13/163.

والأصل في هذا ما أخرجه البخاريُّ (5371)، ومسلم (1619) من حديث ‌أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُؤتَى بالرجل المتوفَّى عليه الدَّيْن فيسأل: «هل ترك لدَيْنه فضلًا»، فإن حُدِّثَ أنه ترك وفاءً صلَّى، وإلا قال للمسلمين: «صَلُّوا على صاحبكم». فلمَّا فتح الله عليه الفتوحَ قال: «أنا أولَى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفِّي من المؤمنين فترك دينًا فعليَّ قضاؤه، ومن ترك مالًا فلورثته».

لهذا قال أبو الوليد الطيالسيُّ: «هذا ‌نَسَخَ ‌تلكَ ‌الأحاديث التي جاءتْ في ترك الصلاة على الذي عليه الدين»، كما في «مسند الطيالسيِّ» 4/258 (2647).

وذكر الحازمي في «الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار» 127 ـ أيضًا ـ أنها منسوخة، وأيَّد ذلك بمرسل الزهريِّ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي على من مات وعليه دين، ثم قال: «أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم من ترك دَينًا فعلينا قضاؤه»؛ ثم صلَّى عليهم بعْدُ. قال الحازميُّ: هذا وإن كان مرسلًا غير أن له شواهد في الأحاديث الثابتة تدل على صحته، ثم إجماع الأئمة على خلاف هذا الحكم شاهد له أيضًا.

وجزم بالنسخ ـ أيضًا ـ ابن قدامة في «المغني» 3/506، وغيره.

وقال النوويُّ في «شرح صحيح مسلم» 7/47: «ترك النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة في أول الأمر على من ‌عليه ‌دين زجرًا لهم عن التساهل في الاستدانة، وعن إهمال وفائه، وأمر أصحابه بالصلاة عليه، فقال صلى الله عليه وسلم: «صلوا على صاحبكم» قال القاضي عياض: مذهبُ العلماء كافَّة الصلاة على كل مسلم ومحدود ومرجوم وقاتل نفسه وولد الزنى. وعن مالك وغيره أن الإمام يجتنب الصلاة على مقتول في حدٍّ، وأن أهل الفضل لا يصلون على الفساق زجرًا لهم».

وقال العراقيُّ في «طرح التثريب» 6/229: «فهذا الحكم وهو امتناعه عليه ‌الصلاة والسلام من ‌الصلاة على من مات وعليه دَيْنٌ؛ ‌منسوخٌ ـ بلا شكٍّ ـ؛ فصار يُصلي عليه، ويُوفِي دَيْنَه كما ثبت في الأحاديث الصحيحة».

الشاهد من هذا: أنَّ ترك الصلاة على من عليه دين لو كان بسبب تعلقه بحكم هو أهم من الصلاة والصيام ـ كما زعم النفيسي ـ؛ لما نُسخ هذا الحكم أبدًا، ولكن لمَّا نُسخ بعدُ؛ علمنا أنه كان حكمًا للتأديب والزجر، والتنبيه على أهمية أداء الحقوق، ولعله كان من عادات الجاهلية أن يُنكر الورثة ما على الميت من حقوق، ويتملَّصوا من أدائها، فجاءت الشريعة بحفظها وإنفاذها، وأكد على ذلك النبيُّ صلى الله عليه وسلم بذلك الموقف العمليِّ حتى يكون وقعه في النفوس أشدَّ وأثبتَ.

   5- إن كلام الدكتور عبد الله النفيسي ـ هذا ـ دليل آخر يضاف إلى سجل الأدلة والشواهد ـ وهي بالمئات ـ على الانحراف العقدي الخطير في فكر الحركة الإسلامية، خاصةً أنَّ النفيسي من أبنائها البارزين، وكان من قيادات تنظيم «الإخوان المسلمون»، واشتهر في ذلك بكتابه: «الحركة الإسلامية: رؤية مستقبلية»، كما اشتهر ـ سابقًا ـ بتأييده الثورة الخمينية. فهو في كلامه هذا يترجم عن فهمه للإسلام وحقائقه ومقاصده في ضوء أصول الحركة الإسلامية التي تربَّى النفيسي في محاضنها، ورضع فكرها، وأُشرِبَ قلبُه مقولاتها.

من هنا؛ فإنَّ مواجهة «التفسير السياسي والنفعي والمادي للإسلام» من أهم الواجبات المتحتمات على أهل العلم والإيمان في العصر الحاضر، وبالله تعالى التوفيق.

جميع الحقوق محفوظة لدى موقع دراسات تفسير الإسلام ©