هل شُرِع الوضوء والنقاب وحُرِّم الاختلاط وقاية من الوباء؟



انتشرت تغريدة في كثير من وسائل التواصل تنص على:

نص المنشور:

كورونا الجديد أثبت للعالم أن النقاب هو الواقي والوضوء هو المطهر والدعاء هو المضاد والاختلاط هو الوباء.

التعليق:

1- في ظل انتشار وباء (فيروس كورونا) في العالم والهلع الحاصل منه، نجد من يأبى إلا توظيف هذا الحدث في خدمة التفسير النفعي للدين، وإخراج بعض الأوامر والنواهي من مقصدها الصحيح، وتحريف المراد منها، وهو ما يؤدي للوقوع في تناقض يرجع على الدين بالنقض ويعطي الفرصة لمن يريد الطعن فيه والاستهزاء منه ـ عياذًا بالله ـ والذبُّ عن حياض هذا الدين هو واجبنا في جميع الظروف والحالات، ولا ينبغي لنا ـ في ظل انشغال العالم بهذا الوباء ـ ترك من يحاول العبث بهذا الدين وتحريف نصوصه وأهدافه ليرتع ويلعب مستغلًا للأحداث، علمًا أن مثل هذه البضاعة لا تنفق إلا في مثل هذه الأجواء، والله المستعان.

2- يزعم هؤلاء أن النقاب هو الواقي من المرض. والنقاب عند الاطلاق يراد به اللِّباس الذي تغطي به المرأة المسلمة وجهها، وهو مشروع في الحق المرأة المسلمة البالغة بالإجماع، والعلماء مختلفون في وجوبه أو استحبابه، فهذا أولًا، أمَّا ثانيًا: فالله عز وجل لم يأمر بالنقابِ وقايةٍ من الوباء، وإلَّا لأمر به كل الناس، لا فرق في ذلك بين رجل ٍأو امرأةٍ، ولا بين صغيرٍ أو كبيرٍ كما هو حاصل في لبس الكمامات الواقية، ولكن الله عز وجل شرع الحجاب وأمر به لغض البصر احترازًا من الفتنة وزكاة للقلب، قال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 30، 31].

3- المتخصصون من الأطباء بينوا زيف هذا الادعاء وأن (الفيروس) قادر على اخترق النقاب لأنه أصغر بكثير من الفتحات الموجود فيه، كما في هذا الفيديو:

https://twitter.com/nahawnd989/status/1238587197848248321?s=09

4- الاختلاط المنهي عنه في الشرع، هو اختلاط الجنسين من غير المحارم بعضهم مع بعض، وهو يؤدي إلى نفس النتيجة السابقة من الوقوع في الفتنة من ترك غض البصر ابتداءً إلى الوقع في الفواحش والزنا انتهاءً، وهو ما راعته الشريعة في الفصل بين الجنسين في عدة ميادين، وهذه المحاذير قد وقع فيها كثير من الناس ممن تساهل في هذا الأمر في كثيرٍ من الدول والمجتمعات، وإلى الله المشتكى.

وأمَّا الاختلاط المنهي عنه بسبب هذا الوباء، فهو شاملٌ لكلِّ الناس سواء منهم الغريب والقريب، وبين الرجال فيما بينهم والنساء فيما بينهن، فلا علاقة بين هذا الاختلاط الوقائي الآنيِّ، وذاك الاختلاط المنهي عنه أبدًا في الشرع، فلا ينبغي الخلط بينهما، فتنبه.

5- وأمَّا الوضوء، فلا شك أن له من الفوائد الصحية الشيء الكثير، لكن يجب أن نركِّز في الترغيب به على الجانب التعبدي الذي هو المقصد والغاية الأساس، وأنه شُرِع ـ في ضمن ما شرع ـ استعدادًا لأعظم العبادات التي تقرب العبد من الله وتزيده حبًا وتعظيمًا لمولاه، التي هي الغاية من خلقه وإيجاده، فاستحضار هذه المعاني أولًا، ثم إذا تذكرنا ما في الوضوء من إزالة الدرن والجراثيم بعد ذلك فلا بأس. والله تعالى أعلم.

راجع للمزيد:

- (ترغيب الناس بالسجود بتعظيم فوائده الدنيوية).

- (الخشوع وهرمون الإندروفين).

- (العبادة والصحة الجسدية).

- (مذاهب الناس في منفعة العبادة وحكمتها).

جميع الحقوق محفوظة لدى موقع دراسات تفسير الإسلام ©