تعليق على مقال الدكتور محمد راتب النابلسي عن الفوائد الصحية للصلاة



كتب الدكتور النابلسي مقالًا عن فوائد الصحية للصلاة، ونشر في موقعه الإلكتروني «موسوعة النابلسي» بعنوان: (الصلاة عماد الدين).

http://www.nabulsi.com/blue/ar/art.php?art=11549

ولنا ملاحظات على هذا المقال، نُدرجها في النقاط التالية:

التعليق:

1- جاء هذا المقال مُفصِّلًا لكثير من الفوائد الصحية للصلاة، تُوحي للقارئ وكأنَّ الصلاة لم تشرع إلا لهذه الغاية، وهذا فيه مخالفة شرعية لأن المقصد الأساس من العبادات هو الجانب التعبدي، الذي يحمل معاني الذل والخضوع لله والتعظيم له وهو حقه سبحانه على عباده وهو الغاية والهدف من خلق الانسان، والتركيز على هذه الفوائد يؤدي إلى الانحراف عن المقصد الأساس من العبادات الشرعية.

2- لم يتطرق المقال لدرجة هذه الفوائد في أداء هذه العبادة الجليلة، وكان ينبغي عند التطرق لمثل هذه الفوائد التنبيه والتركيز على الغاية الحقيقية منها، وتذكير القارئ بضرورة جعل نيته خالصة لله تعالى، فلا يداخلها خلل في الإخلاص، فتصبح هذه العبادة تُراد لمنافعها الصحيَّة وحسب أصالةً، لا لغايتها التي شرعت لأجلها.

3- عرض المقال صورًا لبطاقات عن الصلاة والسجود تحمل عبارات مثل: «السجود يعطي شرايين المخ مرونة تقيها من اضطرابات التروية»، و«أحد أسباب الشقيقة ضعف التروية والسجود وقاية منها»، وهذه العبارات مع البطاقات دون توضيح أو توجيه، تساعد على انتشار التفسير النفعي للدين الذي هو انحراف عن التفسير الصحيح للدين والعبادة.

4- جاء في المقال عبارات مطلقة، هي من أثر المفهوم المنحرف للدين عند من يجعل المنافع الصحيَّة والاجتماعية والنَّفسية هي هدف العبادات، من ذلك قوله: «وبعض وسائل الطب الوقائي، كانت هي العبادة، يعني العبادة طبٌ وقائي، من هذه العبادات التي هي عين الطبِّ الوقائي: الصلاة، تنوُّع الحركات، القيام، الركوع، السجود، الاعتدال، القيام من الركوع، القيام من السجود، هذه الحركات، حركاتٌ نموذجية، تتفق مع أحدث نظريةٍ في التمرينات السويدية التي أقرتها مجموعةٌ من علماء هذه التربية»، وهذا غلو واضح في تفسير العبادة ومفهوم منحرف عن مقاصد الدين.

5- من مظاهر الغلو في المقال كلامه في فوائد التعرض لأشعة الشمس في الصبَّاح، وربطه ذلك بصلاة الفجر، فيقول: «أن أفضل وقتٍ للاستفادة من أشعة الشمس برأي الأطباء وقت البزوغ، ووقت الغروب، من هنا كانت صلاة الفجر لها شأنٌ خطير في صحَّة الإنسان، لأن الشعوب التي لا تتعرض لأشعة الشمس، وتنام نومًا مديدًا، تصاب بلين العظام، وكساح العظام ، وأمر الله عز وجل، ولو كان أمرًا تعبديًا، ولو أنه عبادة، إلا أنه لا يمكن أن نُغفل فيه النواحيّ الصحية»، وهذا الكلام يتنافى مع حقيقة صلاة الفجر شرعًا وواقعًا، فهي لا تصح عند طلوع الشمس بل هو وقت مَنهِّيٌ عن الصلاة فيه، والسنة في صلاة الفجر أن تكون بغلس، [متفق عليه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه، البخاري (560)، ومسلم (646)]، والله عز وجل يقول: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} [ق: 39]، ولعل الدكتور أحسَّ بالمجازفة فذهب يتقول على الأطباء بالقدقدة فقال: «وقد يقول العلماء: ليس المهم أن تتعرض للأشعة مباشرةً، بل إن الأشعة المنتثرة في هذين الوقتين، تفيد الجلد في تكوين الفيتامين (دال) الذي يسهم في نموِ العظام، وفي عمل البنكرياس, وفي نموِ مخ العظام، وخلايا البشرة»!!، ولا يوجد تفسير لهذا التخبط إلا الغلو في هذا الباب، وقيل قديمًا: «حُبُّكَ الشيءَ يُعْمي ويُصِمّ». والله أعلم.

راجع للمزيد:

- (مذاهب الناس في منفعة العبادة وحكمتها).

- (السجود والتفكير الجيد).

- (ترغيب الناس بالسجود بتعظيم فوائده الدنيوية).

- (الخشوع وهرمون الإندروفين).

- (العبادة والصحة الجسدية).

جميع الحقوق محفوظة لدى موقع دراسات تفسير الإسلام ©